الأحد، 8 يوليو 2012

مصياف إذ تشيع

غفار عيساوي  | جريدة ‏طلعنا عالحرية

ليس محمود إلا مواطناً بسيطاً آخر، شخصاً من العامة، لم يتجاوز الخامسة والعشرين، ترعرع وسط عائلة لطيفة تربيه على المثل العليا وتحاول قدر الإمكان تطبيقها، متزوجٌ حديثاً، يشاهد التلفاز ويذهب إلى عمله وإلى السوق، قد يشترك محمود بهذه الصفات البسيطة مع ملايين السوريين، هذه الصفات أيضاً هي ما جعلته يشبه ملايين السوريين، إنه ابن الثورة.

لم يستطع شهيدنا محمود الشيحاوي السكوت عن الظلم والجور الذي ألحقه النظام الاسدي بأخوته في سوريا، كان يعبر عن تململه من سكوت مصياف، دافع عن الثورة بكلمات بسيطة كما الحقيقة، “خاين اللي بيقتل شعبو”، علمت أجهزة الموت  بأمره واعتقلته، لم تستطع سوريا الاسد أن تحتفي بكلمة محمود، لم تستطع أن تصمت عنها ،بل تحول وسواسها القهري “الأسد أو نحرق البلد” إلى حقيقة، فعاد في كفن.

مصياف والموت التباساً

غفار عيساوي – جريدة عنب بلدي
23-6-2012
يتقدم الباص إلى الحولة ببطء ، تتسارع نبضات الركاب، هذا طبيعي فأغلبهم من ريف مصياف، يخافون الثورة، يخافون تلك "الكائنات العرعورية" التي ستلتهمهم ما أن تطالهم، كانت فاطمة الحزوري بينهم، امرأة من مصياف، تصارع صرخات وليدها، يهدأ قليلا ثم ما يلبث أن يصرخ ، أجفله صوت سيارة عسكرية تمر كالسهم من أمام الباص، يسرع الباص وتختل حركته، يمنع سيارة مسرعة وراءه من المرور، يتضح أنها سيارة تحوي مقاتلين من الحولة يلاحقون السيارة العسكرية، يتوتر الجو في الباص، يشهر الشبيحة أسلحتهم داخل الباص ليشتعل الرصاص في الجو، يهدأ الرصاص ويرتسم على وجه فاطمة ابتسامة جامدة، تغرق في دمائها ويغرق الباص بصرخات ابنها، لا أحد يعلم الحقيقة، بعضهم يقول أن شبيحة الباص قد قتلوها بعد أن تشاجرت معهم لتمنعهم من إطلاق الرصاص، بعضهم الآخر يقول أن رصاصة طائشة من رصاصات مقاتلي الحولة اخترقت جسدها، ولكن الأكيد أن ابتسامة هادئة زينت وجهها، ربما كانت تحلم بقبلة زوجها "يهنؤها بالسلامة من حادث المستحيل".